كتب مصطفى سالم في مقال لشبكة سي إن إن أنّ دول الخليج، التي اعتادت تقديم نفسها كواحات استقرار وسط صراعات المنطقة، تواجه الآن تحديًا غير مسبوق بعد أن استهدفت قوتان إقليميتان أراضيها مباشرة خلال أشهر قليلة. فقد قصفت إيران قاعدة أمريكية في قطر في يونيو عقب ضرب واشنطن منشآت نووية إيرانية، ثم جاءت ضربة إسرائيل هذا الأسبوع ضد قيادة حماس السياسية في الدوحة.
أوضح سالم أنّ هذا التصعيد نقل أجواء الحرب في غزة إلى قلب الخليج، ما هزّ إحساس تلك الدول بالأمن. ورغم امتلاكها ثروات ضخمة، لا تمتلك خيارات عسكرية عملية للرد. لذلك أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أنّ الرد سيكون جماعيًا وإقليميًا ويجري التشاور بشأنه مع الشركاء، على أن يتبلور خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة نهاية الأسبوع.
أبرز رد فوري جاء من الإمارات، الدولة الخليجية الأكثر ارتباطًا بإسرائيل. فقد وصل الرئيس محمد بن زايد إلى الدوحة بعد أقل من 24 ساعة من الضربة، في جولة خليجية شملت البحرين وعُمان لتنسيق المواقف. واستدعت أبوظبي دبلوماسيًا إسرائيليًا وأدانت الهجوم بوصفه "جبانًا وصارخًا".
نقل سالم عن محللين أنّ دول الخليج تدرس خيارات لإظهار وحدة الصف وردع إسرائيل عن تكرار الهجمات، لكنّ هذه الخيارات محدودة. وأكد الباحث الكويتي بدر السيف أنّ الموقف الآن مصيري "لأن العواصم الخليجية الأخرى قد تكون الهدف التالي".
من بين السيناريوهات المطروحة خفض مستوى العلاقات الإماراتية مع إسرائيل أو تقليص مشاركتها في اتفاقيات أبراهام، التي شكّلت أهم إنجاز دبلوماسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته الأولى. وقد ظهرت بالفعل إشارات استياء إماراتي قبل الضربة، إذ حذرت مسؤولة رفيعة هذا الأسبوع من أنّ أي خطة إسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية تمثل "خطًا أحمر" يقوّض جوهر الاتفاق.
جزء من الرد القطري سيكون عبر المسار القانوني الدولي. فقد دفعت الدوحة إلى صدور بيان بالإجماع من مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي. وأشار الباحث حسن الحسن من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين إلى أنّ مشاركة دول الخليج في ملاحقات قضائية ضد إسرائيل ستكون تحولًا جديدًا، لأنّها لم تساهم بفاعلية في هذه الجهود من قبل.
طرح بعض المحللين خيار انسحاب قطر من دورها كوسيط رئيسي بين واشنطن وخصومها، ما قد يبدّل موازين التفاوض. كما يبقى تفعيل "قوة درع الجزيرة"، وهي اتفاقية دفاع مشترك منذ الثمانينيات، احتمالًا قائمًا. ويرى الحسن أنّ هذه البنود التي ظلت نظرية قد تتحوّل إلى واقع عبر إنشاء قيادة خليجية موحدة وتكامل أنظمة الدفاع الصاروخي.
غير أنّ اعتماد الخليج شبه الكامل على السلاح الأمريكي، إضافة إلى خيبة الأمل من ضعف الحماية الأمريكية، قد يدفع نحو البحث عن بدائل أمنية أو اشتراط ضمانات أوضح من واشنطن. وأكد عبد العزيز صقر من مركز الخليج للأبحاث أنّ الضربة قد تفتح حوارًا جادًا مع إدارة ترامب حول طبيعة الشراكة الأمنية، بحيث لا تقتصر على شراء السلاح، بل تشمل التزامات دفاعية قابلة للمحاسبة.
رغم ذلك، قد تعيق التباينات الداخلية بين دول الخليج التوصل إلى موقف موحّد، خصوصًا في ظل قلقها من الإضرار بعلاقتها بواشنطن، الحليف الأوثق لإسرائيل. ووفق الحسن، تدرك هذه الدول أنّ أمنها القومي يعتمد على شراكة دفاعية تمنح إسرائيل تفوقًا نوعيًا بموجب السياسة الأمريكية.
طرح سالم أيضًا خيارات اقتصادية عبر استغلال الصناديق السيادية الضخمة، مثل فرض قيود على الاستثمارات في شركات مرتبطة بالاقتصاد الإسرائيلي. ومع أنّ السعودية والإمارات وقطر تعهّدت بضخ تريليونات في الاقتصاد الأمريكي خلال عقد، إلا أنّ استمرار الإحساس بانعدام الأمان قد يدفعها لإعادة توجيه تلك الأموال لحماية الخليج أو نحو أسواق بديلة تحقق عوائد أفضل.
بهذا، تجد دول الخليج نفسها أمام معادلة صعبة: ضرورة إظهار موقف موحد يردع إسرائيل، مقابل قيود عسكرية ودبلوماسية تجعل الخيارات المتاحة محدودة ومعقدة.
https://edition.cnn.com/2025/09/13/middleeast/gulf-response-israel-attack-qatar-latam-intl